صاحب الغبطة يوسف
خواطر غبطة البطريرك خلال السينودس الأسقفي الثاني عشر 2008
روما 26/10/2008
سينودس الأساقفة الثاني عشر
حاضرة الفاتيكان
5 – 26 تشرين الأوّل 2008
خواطر غبطة البطريرك غريغوريوس الثالث
- النشرة الرابعة-
في هذه النشرة الرابعة، أنا سعيد أن أكتب لكم البعض من أفكاري التي استخلصتها خلال هذا السينودس.
1- قبل كلّ شيئ يجب التأكيد على ضرورة الثبات في الإيمان، فمنذ عهد الرومان الوثنيين، والمؤمنون يضطهدون بشكل منظم. وفي عهد الامبراطورية البيزنطية كانت هناك بدعة تحطيم الأيقونات. وفي عهد الأتراك كان المسيحيّون تحت حكم المسلمين ومؤخّراً، عرف المسيحيّون مصاعب في افريقيا الجنوبية وأميركا اللاتينيّة وفي الهند ومناطق كثيرة أخرى من العالم. الاضطهاد هو جزء من تاريخ الكنيسة وعلينا أن نبقى أقوياء في كلّ هذه الظروف الصعبة.
2- كانت هناك مداخلة واحدة لقداسة البابا حول شرح ودراسة الكتاب المقدّس . وعرض في مداخلته عنصرين ضروريين للتفسير الكتابي:معرفة أحداث تاريخ الخلاص وفهمها في تقليد الشرح الكتابي، مما يعني أنّه علينا أن نناغم بين معرفة الكتاب وشرحه والوحي.
3- غالباً ما نتكلّم عن عهدين: العهد القديم والعهد الجديد. ولكنّ الله ذاته هو الذي أوحى بالعهدين وهو الضامن لهما. لذلك يجب التأكيد أنّ هناك عهداً واحداً قد تحقّق ولكنّه أخذ شكلاً جديداً مع يسوع المسيح. لذلك، حتى وإن كان بمقدورنا من وجهة النظر البشرية التكلّم عن عهدين، فمن ناحية الوحي الإلهي لا يمكننا التكلّم إلاّ عن عهد واحد. لذلك يجب تجنّب الازدواجية في هذا الموضوع.
4- كلمة الله عذبة ومُرّة في الوقت عينه، عذبة لأنّها تحمل التعزية ومُرّة لأنّها تلزمنا القيام بأعمال صعب تحمّلها.
5- “Lectio divina” القراءة الإلهية هي قراءة وتأمل للكتاب المقدّس: في الافخارستيا يقول لنا يسوع "خذوا كلوا".... في القراءة الإلهية يقول لنا "خذوا اقرؤا" . وهذا القول يدلّ على العلاقة بين الافخارستيا وكلمة الله.
6- يمكننا التعبير عن كيفية عمل كلمة الله فينا بالقول أنّ هذه الكلمة يجب أن تمرّ من الرأس إلى القلب.
7- علينا أن نتعلّم أيضاً من "النَعَم" التي قالتها والدة الإله إلى كلمة الله: فقبولها لهذه الكلمة تجسّدت الكلمة. كذلك " النَعَم" التي نقولها تسمح لكلمة الله أن تتحقّق في حياتنا.
8- أعجوبة عرس قانا تُظهر العلاقة بين العهد القديم والعهد الجديد: فكما أن الماء تحوّل إلى خمر، كذلك كلمة الله تظهر كل يوم بحلّة جديدة. قال يسوع :" سمعتم، أما أنا فأقول لكم000"
9- شدّد آباء المجمع على الأهمية القصوى في توعية مؤمنيهم بعمق بواجبهم في إعلان البشرى السعيدة في مجتمعاتهم.
10- غالباً ما يتعلّم الإكليريكيّون والكهنة الطريقة العلمية لقراءة الكتاب المقدّس. ولكن عليهم أيضاً أن يتعلّموا كيفية قراءة هذه الكلمة كي يكتشفوا معناها الروحي والسرّي.
11- حسب رأي البطريرك، القراءة الإلهية " Lectio divina " يعبّر عنها في التقليد الشرقي في الصلوات الطقسية، على صعيد المثال لا الحصر: في قوانين القديسين وصلوات الآحاد والأعياد السيّديّة. يتخيّل لنا أنّها مجرّد تكرارات، لكن عندما نغوص بها نكتشف الجوانب المتعدّدة لكلمة الله. وهذه قراءة إلهيّة.
12- اكتشاف بولس للمسيح ولإنجيله على طريق دمشق كان، ودون أي شك، متجذّراً في معرفته العميقة للكتاب المقدس المرتكزة على المسيح، والتي من خلال المسيح تأخذ هذه المعرفة ملء معناها.
13- من الضروري استعمال التقنيات الحديثة في التواصل كي نتمكّن من إيصال كلمة الله للعالم. ولهذا على الإكليريكيّين أن يكونوا اليقين مع هذه الطرق والتقنيات.
14- تأثّرت كثيراً عندما سمعت أحد الأساقفة الهنود يطلب توحيد عيد الفصح. وقلت في نفسي كم نحن بحاجة لهذه الوحدة كمسيحيين في المشرق العربي.
15- مسؤولية الأسقف تجاه كلمة الله ظاهرة في رتبة الرسامة الأسقفية في الطقسين الشرقي والغربي، فبوضع الإنجيل مفتوحاً فوق رأس المرتسم، يصبح الانجيل مرشده مرشده الروحي ويدلّه على مسؤوليته تجاه كلمة الله. فبالرغم من عمله الإداري، يجب على الاسقف أن يعمل بطريقة تكون فيها كلمة الله مؤثّرة في المجتمع ومُصانة من كلّ استعمال خاطئ ومنحرف.
16- إن يسوع خلال حياته أعطى أهميّة كبيرة لتهيأة مواعظه وأفعاله ونشر كلمة الله كي تأتي واضحة وجليّة. فلقد هيّأ نفسه لرسالة نشر الكلمة مدة ثلاثين عاماً لنشرها في ثلاث سنوات، وبقي في القبر يومين ليتمّم خلاصنا في اليوم الثالث.
17- عدد كبير من الأساقفة ركّز على أنّ كلمة الله هي قوّة حياتيّة تسمح للكنيسة أن تبقى متجدّدة، شابة وحيويّة.
18- في مداخلاتي إنْ في الجمعية العمومية أو في ورش العمل، أشرت إلى أهمية أن يكتشف كلّ واحد في كلمة الله أفضل وأنجح الوسائل لإطلاق حوار مع المسلمين. وكذلك ركّزت على أهمية أن يكتشف المسيحيّون والمسلمون كيفيّة مواجهة التحديّات المشتركة من أبرزها الأمور الأخلاقية، حقوق الإنسان، التعصّب والعصبيّات، الإرهاب، الحرية الدينيّة000 وبهذه الطريقة عليهم إيجاد إيجابات حول هذه الأسئلة في كتبهم.
19- أحد آباء المجمع استشهد بـ Soren Kierkegaard ، الذي قال: " عندما نقرأ كلمة الله علينا أن نقرأها كمن يقرأ رسالة من حبيب". بالنسبة لنا، نحن المسيحيين، كلمة الله تجسّدت في شخص يسوع المسيح. لذلك لسنا فرحين أن نُدعى فقط " أهل الكتاب" لأنّه بالرغم من أننا نكتشف يسوع في الكتاب، غير أنّه يتخطّاه، لأنّ الكتاب هو فقط وسيلة لنا لاكتشاف المسيح.
بعض الأخبار
18 تشرين الأوّل 2008
على هامش السينودس ، احتفل قداسة البابا مع بطريرك القسطنطينيّة في صلاة الغروب الاحتفالية في chapelle Sixtine مظهرين كم يمكن لكلمة الله أن تكون عاملاً مهمّاً على طريق الوحدة المسيحيّة.
20 تشرين الأوّل 2008
صاحب النيافة الكاردينال ليوناردو ساندري، رئيس مجمع الكنائس الشرقيّة، وجّه دعوة لكل البطاركة الشرقيين للإجتماع في المجمع الشرقي لعرض وضع الكنائس الشرقية.
21 تشرين الأول 2008
وجّه الكاردينال ساندري دعوة لكلّ البطاركة لتناول الغذاء على شرف بطريرك القدس للاتين الجديد فؤاد طوال وكانت مناسبة للقاء الكرادلة وأعضاء المجمع ورؤساء السينودس.
من 5 إلى 11 تشرين الأوّل:
قام التلفزيون الإيطالي RAI Vaticana بمبادرة رائعة وهي تنظيم قراءة متواصلة ومنقولة مباشرة عبر التلفزيون، للكتاب المقدس بأكمله باللغة الإيطالية. آلاف المسيحيين، إكليريّين، رجال ونساء، مسلمين ويهودا،ً شاركوا في هذه القراءة. وتمّت هذه المبادرة في كنيسة La Scala della Croce in Gerusalemme .قرأ صاحب الغبطة الفصل الثالث عشر من كتاب سفر الأمثال في اللغتين العربية والإيطالية. ينوي غبطته القيام بعمل مماثل في دمشق في سياق الاحتفالات بالسنة اليوبيليّة للقديس بولس.
وجّه البطاركة ورؤساء الكنائس الشرقية الكاثوليك نداءً لقداسة البابا ولأعضاء السينودس حول وضع مؤمنيهم في مناطق النزاعات، الأراضي المقدسة، العراق، لبنان والهند.
وجّه صاحب الغبطة رسالة لكلّ أعضاء السينودس يدعوهم فيها لزيارة دمشق بمناسبة سنة القديس بولس، وكان لهذه الدعوة صداها الإيجابي.
طريقة المداخلات
لكلّ أب من آباء السينودس الحق بالمداخلة ولذلك لخمس دقائق وذلك لمرة واحد فقط. آلية المداخلة كانت على الشكل التالي: تقديم النص المكتوب لأمانة سر السينودس على أن ينشر مختصر عنه لاحقاً في أعمال السينودس. صاحب الغبطة أخذ الكلام يوم الجمعة في 10 تشرين الأوّل. إضافةً إلى الجلسات العمومية كانت هناك يوميّاً جلسة حوار مفتوح لمدة ساعة من الزمن، من الساعة السادسة حتى الساعة السابعة مساءً، حيث يحق لكلّ واحد إبداء ملاحظاته في مدّة لا تتخطّى الثلاث دقائق. وتجدر الإشارة أنّ صاحب الغبطة كانت له مداخلة يوميّة في هذا الإطار وفي مختلف المواضيع: التقليد الشرقي، آباء الكنيسة الشرقيين، ملاحظات لاهوتية وليتورجية. هذه المداخلات كان لها وقعها الإيجابي لدى الكثير من الحاضرين والذين كانوا يعبرون عن رغبتهم بالسماع أكثر فأكثر، مضيفين أنّهم يسمعون" أشياء جميلة ومهمّة بطريقة جميلة." وغبطته كان سعيداً لهذه الفرصة التي أُعطيت له ليعبّر بصراحة، وبوجود قداسة البابا، عن ما يفكّر به خاصّةً حول كنيستنا الشرقية وروحانيّتها.
في السادس عشر من تشرين الأوّل دعا غبطته إلى عشاء في فندق كولومبوس بطاركة ورؤساء الكنائس الكاثوليكية الشرقية والكاردينال ساندري. وفي نفس اليوم، تمّ عرض فيلم عن بابوية البابا الراحل يوحنا بولس الثاني في قاعة بولس السادس، حضره جميع آباء السينودس وكان قد أعدّ هذا الفيلم الكاردينال Stanislaw Dziwisz ، رئيس أساقفة كراكوفيا، أمين سر البابا.
في الثالث والعشرين من تشرين الأوّل، وجّه صاحب الغبطة دعوة عشاء لكل الطلاّب الملكيين الدارسين في روما، كهنة وإكليريكيّين ( 23 طالباً). وكانت مناسبة ليطلعهم حول أعمال السينودس وبعض أخبار كنيستنا الملكيّة.
في الرابع والعشرين قام غبطته بزيارة كنيسة Santa Maria in Cosmedin للاطّلاع على الأعمال والإصلاحات التي قام بها المعتمد البطريركي في روما، قدس الأرشمندريت مطانوس حدّاد، داخل الكنيسة وفي المقر البطريركي ومكان الإقامة. ونشير هنا أنّ الأب مطانوس نظّم برنامج إقامة غبطته في روما.
في الخامس والعشرين اختتم السينودس المقدس أعماله بعرض 55 اقتراحاً تم التصويت عليها ومن ثم تمّ عرضها على قداسة البابا. هذه الاقتراحات سيتم درسها من قبل قداسته مع المجلس المنتخب والمعيّن من قداسته لصياغة البيان النهائي خلال هذه السنة. في هذا اليوم تناول كل الحاضرين الطعام على مائدة قداسته، في مركز سانتا مارتا.
في السادس والعشرين تم اختتام المجمع بقداس احتفالي في بازيليك القديس بطرس000 بعد ظهر هذا اليوم قام غبطته بزيارة معرض عن القديس بولس في بازيليك القديس بولس خارج الأسوار. يأمل غبطته القيام بنفس المعرض في مبنى البطريركية في دمشق. نشير هنا أنّ غبطته استقبل مع الأب مطانوس حداد وفداً سياحيّاً من Metz ، المدينة التي كانت قد أقامت توأمة مع بلدة بيت ساحور في الأراضي المقدسة.
سينودس الأساقفة الثاني عشر
حاضرة الفاتيكان
5 – 26 تشرين الأوّل 2008
النشرة الثالثة
خاصّة بطلاّب الكهنوت
وبيوت التنشئة
روما 16/10/2008
خواطر غبطة البطريرك
غريغوريوس الثالث
أتوجّه بهذه النشرة الثالثة بنوع خاص إلى أبنائي طلاّب الكهنوت في إكليريكيّة القديسة حنّة (الربوة – لبنان) وإلى طلاّب الكهنوت والمكرسين والمكرسات في كنيستنا، في كل أبرشيّاتنا وفي رهبانيّاتنا وجمعيّاتنا الرجالية والنسائية. وأحمل لكم أيّها الأحبّاء جميعاً، بعض الخواطر التي سجّلتها أثناء مشاركتي في سينودس الأساقفة الثاني عشر وهو بعنوان "كلمة الله في حياة الكنيسة ورسالتها". يمكنكم أن تقرأوا النشرة الخاصة بكم، حيث لكم بعض الخواطر الخاصة بكم، وبأهمية كلمة الله في حياتكم.
هذه أوّلاً بعض الخواطر من الكردينال ستانسلاس دزينس الذي كان سكرتير وخادم الله البابا يوحنا بولس الثاني.
هناك جوع إلى كلمة الله. ولكن لا يعمل الوعاظ على إشباعه. هذه الكلمة تحتاج إلى شهود لها. الشهود هم طلاّب الكهنوت. وعليهم أن يستعدّوا الاستعداد اللازم للشهادة لكلمة الله. ولكن غالباً ما يهتم طلاّب الكهنوت بدراسة كلمة الله في الكتاب المقدس كموضوع دراسة ، خارج عنهم. ولا يهتمون بمعناه الروحي. ولا تصبح كلمة الكتاب المقدس كلمة حياة لهم، لحياتهم. ولا يعرفون كيف يحوّلون كلمة الله إلى واسطة للمناولة، للشركة مع يسوع بالروح القدس، الذي يقودهم إلى فهم كلمة الله في الكتاب المقدس. ولا يكتشفون في كلمة الله قوة الكلمة التي تحوّل الانسان وتحمله إلى التوبة والهداية. ولا تصلهم بالكنيسة حامية كلمة الله والمكلفة بحمل كلمة الله إلى العالم.
لابد من الاهتمام الكبير في الإكليريكيّات، بكلمة الله. إذ من الضروري أن يتعلّم طلاّب الكهنوت كيف يلتقون روحياً وبعمق بكلمة الله. ويجب أن يُنشّأوا على روحانية الكتاب المقدس، وبحيث " يعشقون" كلمة الله، لأجل خدمة شعب الله. إنّ المؤمنين في رعايانا يحتاجون إلى كهنة سحرهم عشق كلمة الله ( المزمور 118) ومحبة خدمة الرعية. وهذه هي الأسس الحقيقية لأجل حمل البشارة المتجدّدة المعاصرة للأجيال الطالعة الشابة.
إنّ "حمل البشرى" الصالحة هي من أولويّات تهيئة الكهنة وأولويّات الخدمة الرعوية. إذ على الكهنة أن يكونوا بدرجة أولى " خدام الكلمة" وعلى الطلاّب أن يشعروا بالنار التي كانت تحرق أحشاء بولس رسول الأمم ( ونحن نحتفل بيوبيل ميلاده الألفي الثاني) الذي كان يقول : " الويل لي إن لم أبشّر" ( 1 كور 16:9) وكان يقول لتلميذه تيموتاوس :" بشر في وقته وغير وقته". ( 2 تيموتاوس 2:4).
هذا وقد شدّد آباء السينودس في مداخلاتهم على أهمية قراءة الكتاب المقدس وأهمية الاصغاء الداخلي في كلمة الله وأهمية اكتشاف سر المسيح وعيشه وقت التربية الإكليريكيّة حتى يتمكن الواعظ من إيصال سر المسيح إلى الشعب.
وأشار أحد الآباء إلى أهمية أن يصبح الطالب " تلميذ يسوع المسيح " وليس فقط تلميذ هذا أو ذاك من الأساتذة.
ويقول القديس ايرونيموس الذي عاش في بيت لحم وترجم هناك الكتاب المقدس إلى اللغة اللاتينية المعروفة بالفولغاتا" أو الشائعة، يقول إنّ جهل الكتاب المقدس هو جهل المسيح".
ومن اقتراحات الآباء أن يقرأ المؤمن ولو فصلاً من الكتاب المقدس يوميّاً... وقال أحدهم: يجب أن تنتقل الكلمة من الرأس إلى القلب". من هنا أيضاً أهمية قراءة الكتاب المقدس قراءة علمية ولكن قراءة روحية أيضاً.
أيّها الأحبّاء!
أهنّئكم بالعام الدراسي الكهنوتي وأتمنى لكم أن تلتقوا بالمسيح في هذا العام من خلال كل تفاصيل حياتكم في الإكليريكيّة. وليكن فيكم من الأفكار والأخلاق ما في المسيح يسوع".
مع محبتي وبركتي
غريغوريوس الثالث
سينودس الأساقفة الثاني عشر
حاضرة الفاتيكان
5 – 26 تشرين الأول 2008
روما، في 10/10/2008
خواطــر غبطــة البطريرك غريغوريوس الثالث
النشرة الثانية -
الهدف من هذه النشرة السينودسية هو إشراك قرّاء موقع البطريركية الإلكتروني على بعض أوجه العمل السينودسي وأهم الأحداث التي تجري فيه أو على هامشه.
في هذه النشرة الثانية أقطف بعض الزهيرات التي جمعتها من مداخلات اخوتي آباء المجمع. وقد دارت العلاقة بين العهدين القديم والجديد، أو الأول والثاني. وهما متواصلان متكاملان متفاعلان. والمسيحية تتعدَّى حدود عهد مهما كان مقدّسًا، لأنها هي الخليقة الجديدة في المسيح يسوع، على حسب تعبير بولس الرسول. لا بل إنَّ نور الإنجيل يشعّ على كل صفحات العهد القديم، الذي لا يمكن فهمه بدون الجديد.
لا بدَّ من تفاعل بين دراسة اللاهوت وشرح الكتاب المقدّس. والكتاب المقدّس، يخبرنا عما جرى وكيف جرى. ولكن الهدف هو أن يصبح الكتاب جزء من حياتنا.
قراءَة الكتاب المقدّس صعبة. لأن تعاليمه تفرض علينا تصرُّفًا لا نرغبه وتفتح أمامنا طريقًا صعبة وتتطلّب منَّا أمورًا صعبة.
المهم أن تصبح تعاليم الكتاب المقدّس، في عهديه القديم والجديد، كلمات حياة موجّهة إلينا اليوم. ومن هنا نشرنا في النشرة الشهرية لعام بولس تحت هذا العنوان: رسالة القديس بولس إلى الدمشقيين. وهذا ليس مقالا! فإن تعاليم بولس موجّهة إلينا اليوم!
من هنا أهمية أن نقول في العظة للمؤمنين يوم الأحد: إن هذه الكلمة (في الرسالة والإنجيل) هي لكم. وهذا ما عمله السيد المسيح يوم السبت في مجمع أو كنيس الناصرة. فقد قرأ سفر أشعيا، ثم طواه وقال للحاضرين: اليوم تمَّت هذه الكتابة التي تليت على مسامعكم.
ولنقل للمؤمنين في العظة: إن الله يتكلَّم إليكم، ولكنّه أيضًا يستمع إليكم! ولا بدَّ من تهيئة العظة بحيث تتجاوب مع ما ينتظره الناس من الواعظ. ليكن الواعظ أول من يستمع إلى موعظته... ويسير بموجبها!
الله يكلّمنا في الكتاب المقدّس كأصدقاء! وقد قال لنا في الخطاب الأخير في إنجيل القديس يوحنا: دعوتكم أصدقائي! أحبائي! ولذا لا بدَّ وأن تكون كلمة الله طيِّبة، "طازة"، مغرية، محبَّبَّة، جذَّابة... بحيث تصبح العظة حقًا إنجيلاً، خبزًا جميلاً مفرِّحًا. من هنا أهمية الفرح في العظة: أن يكون الواعظ فرحًا في لقائه مع تعليم المسيح، ومع المسيح نفسه. لا بل من المهم أن لا يكون الإيمان موضوع عقيدة جافة. ولكن كحدث، يجري لنا ولأجلنا ومعنا. وبحيث يتوجّه الإيمان ليس إلى عقلنا فقط، ولكن بالحري إلى حرِّيتنا.
كلمة الله قوية، ديناميكية، وحصبة ومخصبة. ولا بدَّ أن يُظهر الواعظ هذه الصفات العاملة في كلمة الله. ومع احترامنا للكتاب المقدّس، فلا يمكن أن نُدعى أهل الكتاب. ونرفض أن تُسمّى ديانتنا ديانة الكتاب، أو أهل الكتاب. المسيحية ديانة الكلمة الحيّة والمحيية، والمتجسّدة لأجلنا ولأجل خلاصنا.
إنَّ الوعظ والإرشاد والتثقيف الروحي والعمل الرعوي مع الأخويات وحركات الرسالة في الرعايا، هذه كلّها يجب أن تجعل المؤمنين الذين يسمعون الوعظ، أو يقرأون كلمة روحية، تجعلهم يشعرون أن المسيح الذي سار على طرقات الجليل، لا يزال يسير على دروب الناس اليوم "على دربي أنا"، وفي حياتي... ويمكننا أن نلتقي به حقًا في حياتنا اليومية...
المسيحية لا تعيش بالدعاوة الدينية؛ بل تتَّخذ قوتها، بأن تكون جذابة جميلة!
ويقول القديس أغوسطينوس: "إن الروح القدس يتكلّم من الخارج. ولا بدَّ من التجاوب بالاستماع إليه من الداخل".
آمل أن يشترك في سينودس الاساقفة كثيرون ممَّن تصلهم هذه النشرة.
ختــــام
أخيرًا، أُقيمَ يوم الخميس 9 تشرين الأول في بازيليك القديس بطرس، قداس احتفالي كبير ترأسه قداسة البابا بنديكتوس السادس عشر وشارك فيه كل آباء السينودس والسلك الديبلوماسي. وذلك في الذكرى الخمسين لوفاة المثلث الرحمة البابا بيوس الثاني عشر. وقد أبرز شخصية البابا العظيم خَلَفَهُ البابا بندكتوس السادس عشر في موعظته.
الجدير بالذكر أنَّ غبطة البطريرك غريغوريوس الثالث حضر جنازة البابا بيوس الثاني عشر وانتخاب خلفه البابا يوحنا الثالث والعشرين، إذ كان دارسًا في روما، ومعه طلاب رهبان من الرهبانية المخلصية والحلبية، ومن الرهبانيات المارونية، وكان المثلث الرحمة الكردينال أكاكيوس كوسا قد سعى إلى إرسال عدد كبير من الطلاب إلى روما، وقد أصبح فيما بعد رئيس المجمع الشرقي. وهكذا أسهم في تنشئة رعيل كبير من الكهنة الشرقيين.
الديوان البطريركي
روما، في 23 تشرين الأول 2008
نداء حول ما يجري في العراق
وجّه البطريرك غريغوريوس الثالث لحّام، بطريرك أنطاكية وسائر المشرق والإسكندرية وأورشليم للروم الملكيين الكاثوليك، من روما حيث يُشارك في سينودس (إجتماع) الأساقفة الكاثوليك الثاني عشر برئاسة قداسة البابا بندكتوس السادس عشر، نداءً عاجلاً إلى الملوك والرؤساء والقادة الروحيين والمسؤولين في العالم، دعاهم فيه، إلى التحرّك السريع من أجل وضع حد لمآسي العنف والتهجير والقتل التي يتعرّض لها أهل العراق، مسيحيين ومسلمين، خصوصًا ما جرى ويجري من أحداثٍ دامية في منطقة الموصل حيث تتعرّض آلاف العائلات المسيحية للقتل والتهجير وعملية الاقتلاع المنظّم من الجذور، بما يُنذر بالقضاء على خصوصية العراق التاريخية والحضارية والإنسانية والدينية
النـــــداء
إن أرض العراق الحبيب، هي أرض مقدسة، وهي موطن إبراهيم أب الإيمان، في اليهودية والمسيحية والإسلام. وإننا إنطلاقًا من التعاليم التي تدعو إليها الأديان الثلاثة، وإلتزامًا بالقيم الروحية والإنسانية التي نؤمن بها كلّنا ونعمل في سبيلها، نوجّه هذا النداء العاجل إلى العالم، ملوكًا ورؤساءً وقادة وزعماءً روحيين ومدنيين، حتى يعمل كلٌ من موقعه ومسؤولياته، ومن ضمن جامعة الدول العربية ورسالتها من أجل الحفاظ على العيش المشترك الذي تتصف به هذه المنطقة المباركة من العالم، والعمل السريع لإنقاذ أهل العراق، بكل مقومات نسيجه التاريخي والديني والحضاري، من خطر التفتيت والمجاذر التي يتعرّضون لها، خصوصًا بعدما راحت الفتنة تنفث سمومها وأخطارها على المسيحيين من أهل الموصل الذين يعانون القتل والتهجير والإبادة، بما يُنذر بمخططات رهيبة تطال البعد الديمغرافي في العراق الذي يُعاني خطر العنف المبرمج.
وإننا، ندعو إنطلاقًا من مسؤولياتنا الروحية، وإلتزامًا بمصير شعبنا، جامعة الدول العربية إلى عقد اجتماع استثنائي للتباحث في خطر ما يجري، ووضع حدّ لأعمال العنف والقتل التي تستهدف المسيحيين في هذه الأرض، والعمل لطمأنتهم وإعادتهم إلى أرضهم وحمايتهم، بحيث لا يشعر المسيحيون أنهم متروكون ومستهدفون، وأنّهم عرضة دائمة لأعمال الشر والإجرام، التي نستنكرها بشدّة.
كما إننا نطالب الدول والمؤسسات والمنظمات الدولية، وخصوصًا حكومة العراق، إلى إغاثة المنكوبين من أهل الموصل وتأمين إعادتهم إلى أرضهم، وطمأنتهم إلى مستقبلهم، محذّرين من خطر نجاح إرادة الشر برسم وتنفيذ مخططاتها الهادفة إلى إفراغ المنطقة من تلاوين نسيجها الحضاري والديني.
وإننا نعتبر أن ما يجري من أعمال مشينة وغريبة عن السلوكيات والأخلاقيات والتعاليم الدينيّة، إذا ما تمادت، تهدد بخطر إنتقال هذه العدوى الخطرة إلى كل المجتمعات والشعوب في منطقتنا، وهذا ما يجب أن نتداركه جميعًا.
الأب أنطوان ديب
رئيس الديوان البطريركي
روما، 10/10/2008
حاضرة الفاتيكان
5 – 26 تشرين الأوّل 2008
خواطر غبطة البطريرك
غريغوريوس الثالث
النشرة الأولى
" من بولس عبد يسوع المسيح، الذي دُعي ليكون رسولاً " المفروز لإنجيل الله ... إلى جميع أحباء الله... المدعوين ليكونوا قدّيسين، نعمة لكم وسلام من الله أبينا والرب يسوع المسيح" ( رومانيون – المطلع).
يطيب لي أن أخاطبكم أيّها الأحبّاء ، أبناء وبنات كنيستنا الرومية الملكية الكاثوليكية، إكليروساً وشعباً، من روما، وبكلمات بولس الرسول في مطلع رسالته إلى الرومانيين، لكي أشرككم بأعمال سينودس الأساقفة الثاني عشر وموضوعه " كلمة الله في حياة الكنيسة ورسالتها". وهي المرة الرابعة التي أشارك في السينودس. وجدير بالذكر أنّ سلفي المثلث الرحمة مكسيموس الرابع هو الذي أطلق أثناء المجمع الفاتيكاني الثاني فكرة سينودس الأساقفة، ليكون مجلساً استشارياً حول البابا. وعقد أوّل سينودس البابا بولس السادس عام 1967.
إنّني أشارك فيه باسم سينودس كنيستنا، وقد اعتذر عن المشاركة فيه سيادة المطران كيرللس سليم بسترس ورديفه سيادة المطران جوزيف العبسي. ويشارك فيه قدس الأرشمندريت نقولا أنتيبا، الاكسرخوس البطريركي في باريس، بدعوة خاصّة من قداسة البابا وبعد تنسيبي له كخبير. وهي المرّة السابعة التي يشارك في السينودس بصفة خبير.
الشعور الذي يطغى عليّ في السينودس هو الطابع الجامع الكاثوليكي العالمي لهذا الاجتماع الذي يجمع حول قداسة البابا بندكتوس السادس عشر رئيس السينودس، 253 مطراناً بين بطاركة وكرادلة ورؤساء عامين ورئيسات عامات، ولاهوتيين وخبراء، رجالاً ونساءً يصلّون معاً، يتأملون معاً، يفكّرون معاً، يعيشون في جوٍّ من أجواء العنصرة والكنيسة الأولى، حول كلمة الله.
افتتح السينودس قداسة البابا بليترجيا احتفالية يوم الأحد 5/10/2008 في بازيليك القديس بولس بمناسبة العام المكرّس له. وبدأ المجمع أعماله يوم الاثنين بكلمة من قداسة البابا.
يجتمع الآباء في قاعة البابا بولس السادس، لمدة خمس ساعات ونصف يوميّاً. اليوم الأوّل كُرّس لسماع كلمة قداسة البابا ( الذي يحضر الجزء الأكبر من الاجتماعات) ولعرض موضوع السينودس حول كلمة الله من قبل أمين سر السينودس ومن قبل المقرر العام.
تتوزّع أعمال السينودس على جلسات عامة، يقدّم الآباء مداخلاتهم ( خمس دقائق لكل مداخلة) وتُكرّس ساعة مسائية لمناقشات حرّة ( دقيقتان لكل مداخلة). ويتوزّع الآباء إلى حلقات صغيرة ( حتى 15 عضواً) حسب اللغات ( 12 حلقة) لكي يتعمّقوا أكثر في الموضوعات المعروضة في السينودس.
المداخلات العامة والخاصة وتقارير الحلقات الصغيرة والدراسات السابقة التي أرسلت منذ العام 2007، تساعد في صياغة الاقتراحات التي يصوَّت عليها في ختام السينودس. وترفَع كلّها إلى قداسة البابا، وقداسته بدوره يدرسها مع مجلس ينتخبه الآباء لمتابعة أعمال السينودس. وأخيراً ربما بعد سنة أو أكثر يُصدر قداسة البابا رسالة حول السينودس.
يشارك في السينودس 253 عضواً، ممثّلون عن الكنائس الشرقيّة الكاثوليكية ( 13 كنيسة) والمجالس الأسقفيّة في العالم ( 113 مجلساً) والدوائر الرومانية ( 25 دائرة) وممثّلون عن مجلس الرؤساء العامين والرئيسات العامات للرهبانيات والجمعيات الرجالية والنسائية. ويشارك في السينودس خبراء وخبيرات وممثّلون عن الكنائس والجماعات غير الكاثوليكية ( 10) .