صاحب الغبطة يوسف
لحام مناشدا دول العالم في عظة الفصح المجيد عن الوكالة الوطنية للٌعلام
لحام مناشدا دول العالم في عظة الفصح المجيد : إتركوا سورية للسوريين كفاكم إرسال السلاح والمحاربين والمرتزقة والمجرمين بل إنزعوا السلاح ولنتحد
الأربعاء 16 نيسان 2014 الساعة 10:12
وطنية - وجه بطريرك أنطاكية وسائر المشرق والاسكندرية وأورشليم للروم الملكيين الكاثوليك غريغوريوس الثالث لحام رسالة بمناسبة عيد الفصح المجيد، جاء فيها:
"إلى الإخوة السادة المطارنة، أعضاء المجمع المقدس الموقرين، وسائر أبنائنا وبناتنا بالمسيح يسوع، إكليروسا وشعبا، المدعوين قديسين، مع جميع الذين يدعون باسم ربنا يسوع المسيح، ربهم وربنا، نعمة لكم وسلام من الله أبينا، والرب يسوع المسيح (اكور: 1-3).
لك أنت أيضا قيامة
نعيد عيد القيامة المجيدة للسنة الرابعة على التوالي، بينما أحداث ومآسي ما يسمى الربيع العربي وإفرازاته تحصد الآلاف من المواطنين في أكثر من بلد عربي، إنطلاقا من ليبيا إلى مصر إلى فلسطين، إلى العراق، إلى لبنان، ولا سيما سورية.
في هذه البلاد بالذات دعي المسيحيون أبناء القيامة. وهم مدعوون إلى مشاركة المسيح في قيامته.
رسالتي الفصحية لهذا العام تنقسم إلى جزئين أساسيين: جزء عام فيه تأمل روحي حول قيامة السيد المسيح، يشترك فيها كل مؤمن بالمسيح. لا بل إن البعث والقيامة والنشر هي ما ينتظر كل إنسان مؤمن بالله وبالآخرة. وهذا موضوع نشترك فيه جميعا، من يهود ومسيحيين ومسلمين.
ولهذا فإنني أتوجه بهذه الأمنية المعبر عنها في عنوان هذه الرسالة، إلى جميع إخوتي المسيحيين وإلى جميع المواطنين في بلادنا المشرقية، وأخاطب كل إنسان بأمل ورجاء ومحبة: لك أنت أيضا قيامة!
الجزء الثاني سيتناول الوضع المأساوي في بلدنا الحبيب سورية. إنها تسير على درب الصليب، ولكنها ستصل يوما نرجوه قريبا إلى أفراح القيامة!
قيامة المسيح وقيامة الإنسان
قم أيها الإنسان من بين الأموات، فيضيء لك المسيح الحي القائم من بين الأموات...
أيقونة القيامة دعوة إلى القيامة: إذ نرى فيها المسيح القائم يمسك بيد الإنسان، آدم وحواء، ويشد بهما لينهضهما من القبر.
والرمز واضح: أنت كإنسان، مدعو أيضا إلى القيامة... وكل آحاد السنة عيد قيامة في تقليدنا الشرقي... ذلك أن القيامة هي في صلب الحياة المسيحية، وصلب كل حياة... فأنت كل يوم معرض للموت: موت الجسد وموت النفس، بالمرض ومشتقاته، والخطيئة وأنواعها...
وأنت مدعو كل يوم إلى مقاومة الموت وجراثيمه في جسدك وفي نفسك...
فأنت إذا في مسيرة قيامة دائمة متجددة... القيامة حياة جديدة... تصاعد، ارتفاع، آفاق جديدة، أمل، رجاء، محبة، تطلعات، تشوقات، رؤى خير وصلاح وقداسة...
إلى هذه القيامة أنت مدعو...
وعلى هذا المنوال تشترك بقيامة المسيح... ويكون لك أنت أيضا قيامة...
القيامة أساس إيماننا
يقول بولس الرسول :"لو لم يقم المسيح لكان إيمانكم باطلا وأنتم بعد في خطاياكم" (1 كور 17:15). الإيمان المسيحي كله باطل بدون قيامة السيد المسيح. ولذا فقيامة المسيح فقرة أساسية في قانون الإيمان: "أومن بيسوع المسيح الذي تألم وقبر وقام في اليوم الثالث كما في الكتب". وتليها فقرة أخرى في قانون الإيمان: "ونترجى قيامة الموتى". إذن الإيمان بقيامة المسيح وقيامتنا معه ركن من أركان الإيمان المسيحي الأساسية.
وقيامة المسيح تعني أن حياة الإنسان هي أيضا لا تنتهي بالفشل والخطيئة واليأس والمرض والألم والكارثة والدمار والفناء والموت والقبر... بل بعد الحياة والموت حياة...وقيامة ونشور وانبعاث للانسان نفسا وجسدا. وهكذا فإن صح القول: إننا نولد لنموت، فالقول الآخر أصح: إننا نموت لنحيا حياة أبدية خالدة. وعلى هذا الإيمان وبهذه العقيدة تنتهي الفقرة الأخيرة في قانون الإيمان: "نترجى قيامة الموتى والحياة في الدهر الآتي. آمين!". وهكذا تصبح النهاية البداية الحقيقية، حتى يصح القول المأثور: نولد لنموت! ونموت لنحيا!!!
كنيسة القبر المقدس هي كنيسة القيامة!
تدعى هذه الكنيسة باسم: "كنيسة القبر المقدس"، في الكنيسة الغربية وفي اللغات الأجنبية. ويشدد الغربيون من خلال هذه التسمية على الصليب والموت والدفن. وقد تطورت عبادة درب الصليب في الغرب المسيحي، وتنتهي مراحل درب الصليب بالصلب. وزيدت لاحقا مرحلة القيامة.
وأما في الشرق المسيحي، وفي اللغات العربية واليونانية والسريانية والقبطية والأرمنية، فنجد تسمية "كنيسة القيامة". ويشدد الشرقيون على القبر الفارغ والقيامة المجيدة من خلال هذه التسمية. وهكذا تبقى الحلقة متصلة بين مسلسل آلام المسيح وصلبه ودفنه، وبين النهاية البهيجة التي تجد قمتها في القيامة من بين الأموات. فلا معنى للآلام والصلب والعذاب والموت بدون أمل القيامة. ولا سبيل إلى القيامة إلا من خلال المرور بمراحل درب الصليب...
وهكذا تجمع كنيسة القبر المقدس وكنيسة القيامة من خلال هذه التسمية المزدوجة، تجمع بين المعاني السامية والأساسية في حياة كل إنسان، كما كانت الحال في حياة السيد المسيح.
أنت أيضا لك صليب... ولك قيامة... الجلجلة على رمية حجر من القبر الفارغ... هكذا أيضا في حياتك: تجتمع الجلجلة والصليب والألم والمرض والمصيبة والموت... وهي مدخل السعادة والفرح...
إعتنق الصليب، قبله، إقبله... وأكرم أيقونة القيامة، وقبلها، واقبل سر القيامة في حياتك اليومية. وهكذا تجمع في حياتك بين سري الصليب والقيامة، كما تجمع الكنيسة الواحدة تحت سقف واحد موضع الجلجلة والصلب، والقبر الفارغ والقيامة المجيدة...
هنيئا لك، أخي المسيحي، الصليب... والقيامة... هنيئا لك القيامة تملأ حياتك فرحا وسعادة وأملا وسلاما.
مسيرة آحاد الفصح، مسيرة القيامة
إنها مسيرة أربعين يوما مع المسيح الحي، الذي بعد قيامته المجيدة من بين الأموات، بقي يتراءى لتلاميذه مدة أربعين يوما، يكلمهم عن شؤون ملكوت الله.
إنه حقا حي يشترك في اجتماعاتهم وهم مشككون خائفون. ويثبت إيمان توما أكثرهم شكا ويعطيهم سلامه مشددا عزائمهم.
إنه رفيق الطريق يرافق لوقا وكلاوبا على الطريق إلى عماوس. يأكل مع تلاميذه. يقاسمهم حلو العيش ومره.
إنه المرشد إلى الحياة الجديدة: يعطي السلطان المقدس لتلاميذه، يملأهم من الروح القدس لكي يكونوا له شهودا إلى أقصى الأرض.
إنه مؤسس كنيسة هي جماعة حية تؤمن بالقيامة، بالحياة الجديدة والعالم الجديد. بطرس يقود سفينتها. إنها مؤسسة على المسيح، على الإيمان والمحبة: يا بطرس، أتحبني وإذا كنت تحب فيمكنك أن تكون راعيا حقيقيا قادرا على العطاء والخدمة والفداء.
إنه حقا حي، كما وعد أحباءه. وهو معهم إلى انقضاء الدهر
المسيح الحي يشرك المؤمنين وكل البشر المقبلين إليه بحياته وقيامته.
إلى هذا تشير التذكارات الروحية التي تؤلف الدور الفصحي: أحد توما وهو الأحد الجديد، وهو تأكيد لقيامة المسيح. يليه أحد حاملات الطيب ويوسف ونيقوديموس، الذين يكرمون لأمانتهم للمسيح حتى في الموت ورغم الموت. فهم أبناء القيامة.
أحد المخلع هو شرح رائع لأيقونة القيامة: الإنسان يشترك بقيامة المسيح الذي ينهضه من الألم والمرض والعاهات الجسدية والروحية. أما أحد السامرية فهو إشارة إلى أن بشرى الحياة الجديدة في المسيح ليست محصورة بشعب أو قوم.
أحد الأعمى يعلمنا أن المسيح القائم من بين الأموات هو نور العالم، إنه طريقنا وسبيلنا ونورنا.
إننا في حياتنا المسيحية مدعوون إلى مسيرة القيامة. وكما سار المسيح مع تلاميذه ورسله ومع الجميع مدة حياته الأرضية قبل القيامة وبعدها. هكذا يريد أن يكون رفيق الدرب والحياة الجديدة إننا أبناء القيامة إننا في مسيرة القيامة .
حبة الحنطة!
"إن حبة الحنطة إن لم تمت بقيت وحدها، وإن ماتت أتت بثمر كثير" (يوحنا 24:12).
ألا تكتشف سر حياتك في قصة حبة الحنطة؟ وفي حياة السيد المسيح وموته وقيامته؟ وهذا ما تردده أناشيد عيد الفصح: "أمس دفنت معك أيها المسيح واليوم أنهض معك بقيامتك أمس صلبت معك فأنت يا مخلص مجدني معك في ملكوتك"؟
أنت حنطة الله وحنطة إخوتك البشر أنت حنطة عائلتك ومجتمعك وأرضك وأنت مدعو لتحمل الخصب والحياة من خلال الجهاد والعطاء والألم والمرض، فتكون لك قيامة، ولأرضك ولمجتمعك
الفصح تحرر
وتردد صلوات الفصح تعابير القيامة والتحرر: "بآلامك تحررنا من الآلام. لقد قمت أيها المسيح وحررتنا. إقتدت الطبيعة البشرية إلى النور والحرية. وفي هذه الصلوات صدى لكلام المسيح القائل: "الابن يحرركم فتكونون حقا أحرارا، وتعرفون الحق والحق يحرركم" (يوحنا 8: 36).
وقد أعلن المسيح له المجد في مطلع بشارته أن غاية الإنجيل وهدف رسالته الإلهية هو تحقيق نبوءة أشعيا النبي: "روح الرب علي إنه أرسلني لأنادي للمأسورين بالتخلية، وأطلق المرهقين أحرارا" (لوقا 4: 18-19، راجع أشعيا 61: 1-2).
وأكد المسيح على حرية الإنسان قائلا: "البنون أحرار" (يوحنا 8: 33).
الإنسان يستعبد أخاه الإنسان. أما الله فيحرر الإنسان. إيماننا، عقائدنا، كتبنا المقدسة، أعيادنا كلها دعوة إلى الحرية والتحرر. إنها تدعم مسيرتنا التحررية وسعينا نحو الحرية والكرامة. لا بل هي دعوة إلى التحرر الإنساني الكامل، وليس فقط في ظل ظروف سياسية معينة. الدعوة الكبرى الدائمة هي الدعوة إلى التحرر الكامل، الروحي، الإنساني، تحرر القلب والنفس من الخطيئة، وتحرر الضمير والفكر. إنها دعوة إلى السير في جدة الحياة، في النور، وفي الحرية الحقيقية، وإلى استعادة جمال صورة الله في الإنسان، في العزة والكرامة والاحترام والعدل والمحبة والسلام.
أبناء القيامة
عبارة وردت عند رهبان فلسطين وسواهم. أبناء القيامة فئة من المسيحيين مختصة بالخدمات الكنسية الطقسية. أو هم فئة من الرهبان والنساك القائمين بهذه الخدم، وكانوا مرتبطين بنذر البتولية. وكان شرط الانتماء إلى هذه الفئة المعمودية.
المعمودية مرتبطة ارتباطا وثيقا بالقيامة. فكانت تعطى في العصور الأولى فقط يوم الفصح. وهذا ما يقوله بولس الرسول: "يا إخوة إنا جميع من إعتمدنا للمسيح قد اعتمدنا لموته. فدفنا معه في المعمودية للموت. حتى إننا كما أقيم المسيح من بين الأموات، كذلك نسلك نحن أيضا في جدة الحياة..." (رومانيون 6: 3-4).
ويقول القديس يوحنا الدمشقي في أناشيد قانون الفصح: "أمس دفنت معك أيها المسيح، واليوم أنهض معك بقيامتك".
وتخاطب الشهيدة تقلا المسيح قائلة: "يا يسوع عروسي أنا أصبو إليك وأجاهد في طلبك. وأصلب وأدفن معك في معموديتك. وأتألم من أجلك لأملك معك. وأموت في سبيلك لأحيا فيك".
فالمعمودية عهد مع المسيح القائم والحي. وهي دعوة إلى الحياة الجديدة مع المسيح. بحيث كان المسيحيون الأوائل يؤخرون إقتبال سر المعمودية إلى اليوم الذي فيه يمكنهم أن يقوموا حقا بعهد المعمودية، أعني خاصة رفض الشيطان والخطيئة، وحياة النعمة في المسيح. فيكونون حقا أبناء القيامة
الكنيسة إذن جماعة حية جماعة قيامة
أبناء الكنيسة المعتمدون هم أبناء القيامة أبناء عهد جديد مع المسيح الحي
أبناء الكنيسة وأبناء القيامة المعتمدون بالمسيح الحي يجب أن يكونوا نخبة مقدسة
في عرف شرف دعوتك أيها المسيحي المعتمد، يا ابن القيامة، يا ابن القدس مدينة القيامة، وابن الأرض المقدسة، أرض القيامة.
القيامة نداء إلى حياة مسيحية حارة جادة ملتزمة فإلى إخوتي أبناء القيامة أزف بشرى القيامة وأماني القيامة المسيح قام حقا قام
أمل القيامة
نأمل أن تتحقق القيامة لموتانا وشهدائنا. كما نأمل القيامة والحياة لنا نحن الأحياء ونؤكد أننا شعب مؤمن بالقيامة والحياة إننا نؤمن في سائر ظروف حياتنا، وفي الظروف المأساوية الراهنة بأن: الموت سيغلب، والعنف سيحسر، والقوة ستقهر، والقوس سيكسر، والطوق سيفك، والقيود ستطلق، والقبور ستفتح، والظلمة ستندثر، والنور سينبلج، والشمس ستطلع، والزهور ستتفتح، والبراعم ستنمو، والسنابل ستمتلئ بالحبوب، والأطفال سيضحكون ويرقصون، والنساء الثكالى سيزغردن، والإنسان الجديد سيولد، وحضارة المحبة ستبنى في أرض الأنبياء والرسل والأولياء في أرض القدس مدينة القيامة والإسراء والمعراج في أرضنا المقدسة الطاهرة وفي بلادنا المشرقية مهد المسيحية والديانات والحضارات .
ولنبق معا كلنا، مسيحيين ومسلمين ولنبق معا كلنا كل أصدقائنا
ولنبق معا كلنا، في مسيرة الشهداء
في مسيرة المستقبل الأفضل
في مسيرة الحياة والكرامة والقيامة
الجزء الثاني
حول الأزمة السورية
نستذكر هنا مقاطع من تعاليم المجمع الفاتيكاني الثاني في الوثيقة: "الكنيسة في عالم اليوم: فرح ورجاء" إنها تضيء دربنا في الأزمة السورية.
الحرب عدو القيامة، الحرب تدمر آمال القيامة: "إن خطر الحرب يهدد الناس بقدر انغماسهم في الخطيئة. وستكون هذه هي الحال حتى عودة المسيح. لكن الناس يقمعون العنف بقدر ما يتحدون بالحب، وينتصرون على الخطيئة، حتى يتم هذا الكلام: "يضربون من سيوفهم سككا وأسنتهم مناجل. فلا ترفع أمة على أمة سيفا، ولا يتعلمون الحرب من بعد" (أشعيا2،4)" (6،78).
"إن الحرب لم تغب عن الأفق البشري. وبما أن وحشية الحرب تنشب ويا للأسف، لا يصبح بذات الفعل كل شيء مباحا بين الأطراف المتنازعة" (4،79).
"إن استخدام كل الوسائل المكدسة الآن في عنابر الدول الكبرى، لا ينتج عنه الحق إلا أن يبيد كل خصم خصمه إبادة قد تكون كلية ومتبادلة" (2،80).
"ويقوم الخطر المميز في الحرب الحديثة في توفير الفرصة لمن يقتنون أحدث الأسلحة العلمية، ليرتكبوا أعمالا إجرامية كهذه. وفي دفع الإرادة البشرية إلى قرارات هائلة بسياق يقرب من الحتمية." (5،80).
الثقة بين الشعوب
"بعد أن نكون قد أصبحنا أكثر وعيا لمسؤولياتنا الشخصية "نجد الأساليب التي تسمح لنا بتصفية خلافاتنا بطريقة أكثر إنسانية" (4،81).
"فعلى الجميع إذا أن يعملوا للحد من السباق إلى التسلح، لأن السلام يجب أن ينبع من الثقة المتبادلة بين الشعوب. بدل أن يفرض على الدول من جراء التهويل بالأسلحة" (1،82).
دور المؤمنين
دور المؤمنين أن يدركوا إدراكا واضحا كمال دعوتهم "فيجعلوا العالم أكثر مطابقة لكرامة الإنسان السامية، وينشدوا أخوة شاملة، ترتكز على أساسات أعمق، ويلبوا نداءات عصرنا الأشد إلحاحا، مدفوعين بالحب والسخاء والجهود المشتركة" (1،91).
رؤية إيمانية
إن هذه القيم الإنجيلية التي عبرت عنها تعاليم الكنيسة الواردة أعلاه، هي التي أوحت مواقفنا وتصرفنا وتصاريحنا ومداخلاتنا ومقابلاتنا الصحفية على أنواعها، ومقالاتنا ورسائلنا البطريركية الرعوية (منذ عام 2011)، ومشاركتنا في المؤتمرات العالمية، والزيارات التي قمنا بها إلى عواصم العالم، واللقاءات مع شخصيات دينية وحزبية وسياسية من كل الألوان.
وأريد من خلالها أن أصوغ قناعاتي الإيمانية المقدسة، ورؤيتي المسيحية الوطنية، كراع يتابع بعين الإيمان والرجاء والمحبة والتضامن والمسؤولية والمصالحة، هذه المأساة السورية التي لم يشهد لها تاريخ سورية، وحتى منطقة الشرق الأوسط مثيلا.
انطلاقا من هذه القناعات الروحية علينا إقصاء كل عواطف الكراهية والبغض والعنف والانتقام والإبادة والقتل. ولنعلن معا جميع السوريين، لنعلن إيماننا بالقيامة، بالحياة. نؤمن أومن بالحياة بالمحبة بالتسامح، بالرحمة، بالمودة، بالمصالحة، بالمسالمة، بالغفران، بالأخوة، بالإنسانية، بالتراحم، بالتضامن. ولا أومن بالعنف والقتل والإرهاب والانتقام...
خطر إفرازات الأزمة السورية
هناك آلام كثيرة يعاني منها الشعب السوري بكل طوائفه وأطيافه. وكل يوم نطالع إحصائيات مرعبة حول معاناة المواطن السوري.
ونحب أن نشير إلى أخطار أخرى تتفشى في المجتمع في ظل الأزمة السورية، وهي نتيجة للأفكار التكفيرية. فهناك نماء في مشاعر وأفكار الحقد والبغض والكراهية والثأر وقساوة القلب والعنف والظلم والقهر والابتزاز ورفض الآخر، ومبدأ العين بالعين والسن بالسن، والقوقعة والانعزال وإحتقار الآخر ومشاعره ومعتقداته... والريبة وعدم الثقة والتخوين... وتنامي الأصولية... وهذه أشد خطرا من الجراح التي تدمي الجسم السوري بكل أعضائه.
كلنا نعرف أن هذه الأمور أكثر خطرا على مجتمعنا السوري، من الحرب والاقتتال الذي تشهده سورية على مدى أعوام ثلاثة. ولا بد من تحصين مجتمعنا ضد هذه الأخطار والأوبئة والتوجهات والتيارات الهدامة.
ولهذا فإنني أرى من الضروري أن نساعد كرعاة للكنيسة في محاربة هذه التيارات والمشاعر الهدامة. وذلك بإبراز قيم الإنجيل المقدس وتعاليم الكنيسة، لا سيما في المجمع الفاتيكاني الثاني بالنسبة لهذه المشاعر والأفكار. ولهذا أقترح أن يتأسس منتدى سوري فكري حضاري، يستقطب مفكرين من المسيحيين المؤمنين الملتزمين بقضايا المجتمع السوري. ويعمل القائمون عليه على صياغة مبادىء وخطط وطنية وإيمانية تستند على قيم الإنجيل المقدس، وتكون دستورا لسلوك المسيحي ومنهاجا عمليا في التزام المسيحي قضايا مجتمعه السوري، ولمحاربة هذه الأفكار الهدامة التي أشرنا إليها أعلاه، وقد ساعدت في إفرازها الأزمة السورية، والفرق التكفيرية الواردة من خارج سورية، والتي تعمل على تفكيك المجتمع السوري.
إننا نعتبر أن قيام منتدى بهذه الأفكار والأهداف سيكون له تأثير فكري كبير في مجتمعنا السوري، ويرسم خطوط تفاعل المسيحي في مجتمعه السوري، والتزامه بقضايا مجتمعه وتفاعله مع إخوته المسلمين في محاربة هذه التيارات الهدامة للعيش المشترك، والحوار الحياتي والتفاعل والتضامن المسيحي - الإسلامي لأجل مجتمع أفضل، مبني على قيم الإيمان المسيحي والإسلامي وقيم الإنجيل المقدسة.
هذا المنتدى سيكون له بإذن الله تأثير كبير لأجل تكوين رؤية مسيحية في الأزمة السورية، تؤمن مستقبل المسيحي في سورية والبلدان العربية، وحضوره ودوره ورسالته في المجتمع العربي. ونقترح أن تناقش فكرة هذا المنتدى السوري، في رعايانا بين الكهنة ونخبة من المفكرين والمهتمين بالشأن المجتمعي.
ونحب أن نشير إلى أن هذا المد التكفيري الإسلامي وإفرازاته، يشوه صورة الإسلام، لا بل يحمل في طياته مؤامرة واضحة على الإسلام والمسلمين، وعلى العالم العربي بأسره، بمسيحييه ومسلميه. وقد هبت وزارة الأوقاف تدافع عن الإسلام الحنيف، فأصدرت سلسلة من الدراسات بعنوان: "فقه الأزمة، الإسلام بين المفاهيم والمصطلحات". وقد صدر منه جزءان. وفيهما تفنيد لكل التيارات والأفكار التكفيرية المتطرفة.
إننا نثني على نشر هذه السلسلة الرائدة. وهي تمثل الطريقة الفضلى للدفاع عن الإسلام، ولمحاربة التيارات التكفيرية.
المحبة لا تسقط أبدا
المحبة تستر جما من الخطايا. والمحبة لا تسقط أبدا. والمحبة ستبني سورية المتجددة. هكذا علمنا السيد المسيح في إنجيله المقدس. وأنا أعتبر أن أجمل مساهمة يقوم بها المسيحيون في خضم هذه المأساة السورية وهي في عامها الرابع، أجل أجمل مساهمة هي أن ينشر المسيحيون في أي مكان كانوا، في أي موقع، في أي حزب، في أي وظيفة، أن ينشروا هذه المحبة الصادقة الشاملة. هذا هو أجمل ما نقدمه نحن المسيحيين لوطننا الحبيب سورية، ولإخوتنا المواطنين السوريين كلهم بدون استثناء، في أي معسكر وخندق كانوا.
لك أنت أيضا قيامة ولكل إنسان حق في الحياة والقيامة ولتكن سورية التي لا تزال تعيش درب الصليب في العام الرابع، سورية وطن القيامة والحياة والمحبة.
لا نريد مزيدا من الشهداء لا نريد مزيدا من الأيتام لا نريد مزيدا من الثكالى والخائفين لا نريد مزيدا من ملايين الأطفال المعنفين لا نريد مزيدا من الجرحى ولا نريد مزيدا من المعوقين والمشوهين ولا نريد مزيدا من الحاقدين والمبغضين لا نريد مزيدا من الخطف والابتزاز...
نريد شهودا أحياء لسورية التاريخ والحضارة والمحبة والألفة والازدهار والتطور والعلم والصناعة. "الذين يضربون سيوفهم سككا وأسنتهم مناجل. فلا ترفع أمة على أمة سيفا. ولا يتعلمون الحرب من بعد" (أشعيا 4:2)".
إنزعوا السلاح ألقوا جميعكم سلاحكم. ولنسبكها مناجل وأدوات حياة وبناء وإعمار. سئمت من الكلام عن سورية الحزينة والمتألمة والمشردة والجريحة... وعن الضحايا والموت والشهداء والنازحين والمشردين والجائعين. أريد أن أتكلم عن السوريين الآمنين والفرحين والمسرورين، وعن النزهات والرحلات والأفراح والأعراس... أريد أن أعيش عرس سورية الفرحة، القائمة الحية.
أريد أن يفرح السوريون من جديد بعيد الفصح، بالقيامة كما فرح بها بطرس، والرسل، وتلميذا عماوس، ومريم المجدلية، والنسوة حاملات الطيب.
كما أريد أن تعيش دمشق وسورية فرحة بولس بلقاء المسيح القائم من بين الأموات على أبواب دمشق.
كنيسة دمشق المتألمة والمصلية
وتفتخر أبرشية دمشق البطريركية أنها تتميز بصلوات أيام الصوم المقدسة. ويمكننا أن نؤكد بفخار ونشكر الله أن كنائسنا تقريبا كلها، تقريبا كل يوم، تقريبا ملأى.
وهكذا كنيسة دمشق المتألمة، لا بل كنيسة سورية المتألمة، تتحول إلى آلاف الأيادي الضارعة لأجل ضحايا الحرب والعنف والإرهاب. ولأجل السلام والأمان والمصالحة والمحبة والاستقرار وإنهاء معاناة الملايين من النازحين والمتألمين والمخطوفين والمعوقين والمحزونين والجرحى...
وهكذا تتابع كنيسة دمشق وكنيسة سورية درب الصليب، ولا تترك شعلة الأمل تنطفئ في قلوب ونفوس مؤمنيها، كما أوصانا قداسة البابا فرنسيس، ودعانا إلى أن نحافظ على "شجاعة الصلاة".
كنيسة دمشق وسورية تسير بشجاعة وإيمان ورجاء ومحبة على درب الصليب. في هذا الصوم المبارك، آملة أن يشرق على جميع مواطنيها وأراضيها فجر السلام والقيامة
مخاطبة السوريين
يا إخوتي، يا أحبائي السوريين، أحبكم. الله يحبكم. وهو يوصيكم أن تحبوا بعضكم بعضا. ويريدكم متصالحين متضامنين صفا واحدا لأجل بلدنا سورية الحبيبة، لأجل وطننا الواحد الوحيد. إنه بيتنا الكبير المشترك عبر الأجيال. فلنتحد معا. ولنكن قلبا واحدا. وفكرا واحدا. وهدفا واحدا. ولنجتمع على المحبة والخير والوفاق والتسامح والمصالحة والسلام. ونحن قادرون معا أن نحل مشاكلنا، ونضمد جراحنا. ونتعالى على خلافاتنا. ونحقق آمالنا وطموحاتنا . ونؤمن معا مستقبل أجيالنا وشبابنا. معا نحن قادرون أن نعيد بناء سورية المتجددة، ونعمر بلدنا، ونعيد نازحينا، ونبني مدارسنا وبيوتنا ومؤسساتنا الحيوية.
أناديكم، أنا المواطن السوري، والبطريرك والراعي المستعد أن يبذل نفسه وحياته لأجل سورية الحبيبة، أناديكم وأستحلفكم أن تسمعوا صوت تاريخنا وتراثنا وآبائنا وأجدادنا... الذين عاشوا معا، وغرسوا معا، وزرعوا معا، وبنوا معا صروحا من الحضارة والإبداع والازدهار والبحبوحة والأمن والأمان والاستقرار.
هناك نشيد جميل في عيد الفصح المجيد والقيامة المقدسة يناشدنا قائلا: "اليوم يوم القيامة. فلنتفاخر بالموسم. وليصافح بعضنا بعضا. ولنقل يا إخوة: لنصفح لمبغضينا عن كل شيء في القيامة. ولنهتف قائلين: المسيح قام".
أجل لنصفح ولنتصالح. وكم نسعد عندما نسمع أخبار المصالحة هنا وهناك، بين المواطنين، بين الأحياء، بين القرى... هذا هو المستقبل الواعد. وهذا هو الشعار الذي أطلقناه في رسالة آب 2012: "المصالحة هي خشبة الخلاص الوحيدة لسورية".
ونحن سنتابع بذل الجهود لدعم المصالحات بصلواتنا، ومن خلال المؤتمرات التي نشارك فيها، والمقابلات الصحفية والتواصل الاجتماعي. ونثني على جهود وزارة المصالحة في الحكومة السورية.
"ما عدت أخاف"
يزور قداسة البابا فرنسيس الأرض المقدسة في الأردن وفلسطين في أيار المقبل. إنها زيارة تحيي الذكرى الخمسين للقاء قداسة البابا بولس السادس مع قداسة البطريرك أثيناغوراس عام 1964 في القدس مدينة القيامة. وكان أول لقاء بين بابا روما وبطريرك القسطنطينية (اسطنبول)، بعد شقاق عام 1054. وبعد ذلك اللقاء توالت لقاءات كثيرة ومتكررة في اسطنبول وفي روما وفي أماكن أخرى.
نرحب بقداسة البابا فرنسيس، ونشكر له محبته لسورية وصلاته لأجلها، وذكره لها في كل مناسبة، ودعوة الجميع للعمل لأجل سلامها. ونأمل أن يزور سورية للاحتفال بنصرها وسلامها.
بهذه المناسبة أحب أن أورد مقطعا من إعلان رائع للبطريرك المسكوني الراحل أثيناغوراس، يا ليت هذا الإعلان يكون وحيا روحيا لكل السوريين، فيكتشفون القوة الحقيقية المؤسسة على المحبة. لأن من يحب لا يخاف: "علينا أن نصل إلى مرحلة فيها نلقي سلاحنا أنا قد ألقيت سلاحي ولذا ما عدت أخاف من أي شيء، لأن المحبة تنفي المخافة إلى خارج. لقد تخليت عن إرادتي أن أقول أنني على حق، وأدين الباقين... أستقبل وأشارك وكل ما هو جيد وحقيقي وواقعي فهو الأفضل لي. إذا تخلينا عن ذاتنا، إذا تجردنا، إذا فتحنا ذاتنا إلى الله - الإنسان الذي يجعل كل شيء جديدا، فإذ ذاك فإنه هو الذي يمحي الماضي، ويدخلنا في وقت جديد حيث كل شيء ممكن".
مؤتمر جنيف يعقد في سورية
ونؤكد بصدق وإخلاص واحترام لكل الفئات في سورية، الدولة والمعارضة وأي فريق آخر، ونقول للدول العربية والاتحاد الأوروبي وأميركا وروسيا والصين... إن مؤتمر جنيف 2 أو 3 بجب أن يبدأ في سورية. نحن نصنع جنيف 2 و 3. ونحن ولا أحد غيرنا نحن السوريين يمكنه أن يعيد الأمن والأمان والاستقرار إلى سورية.
نداء إلى العالم
من كنيسة دمشق المتألمة المصلية والصائمة، السائرة على درب صليب سورية مع جميع مواطني هذا البلد الحبيب، مهد المسيحية والديانات والحضارات، أطلق هذا النداء في بداية العام الرابع للأزمة السورية المأساوية الدموية.
في هذا العيد الكبير، عيد القيامة، نحب أن نوجه من جديد دعوة حارة وجدانية، بقوة وإلحاح وتوسل ومودة ومحبة وأمل... إننا من منطلق رسالتنا الروحية ودورنا الإيماني المسيحي كراع وبطريرك، ندعو الجميع، رئيس بلدنا سورية ومعاونيه، وجميع الدول العربية، وأميركا وروسيا، ودول الاتحاد الأوروبي، وجميع الدول في العالم، ونشطاء السلام وحاملي جائزة نوبل للسلام، وجميع ذوي الإرادة الصالحة وأنقياء القلب، وأصحاب وسائل الإعلام، ورجال الفكر والأدب، ورجال الصناعة والتجارة، وتجار الأسلحة... ندعوهم إلى عمل كل ما يمكن عمله لأجل السلام في سورية. لقد تفاقمت المأساة وتكاد تنال بعواقبها ونتائجها وتأثيرها، تكاد تطال كل مواطن سوري ... نطلب من الله تعالى أن يسمع نداءنا! ويوجه قلوبكم لكي تسمعوا نداءه ونداءنا
كثر الموت في سورية. ما عاد يجوز متابعة مسيرة الموت. علينا أن نجمع قوانا كلنا في الداخل والخارج، معارضة، دولة، أحزاب، أصحاب النيات الطيبة من كل حزب وتوجه وطائفة... لكي نوقف الدم في سورية، ولكي نسير معا مسيرة القيامة...كلنا أبناء سورية الذين أراهم الله نور هذا العالم بالولادة، مدعوون إلى الحياة وليس إلى الموت. أناشد كبطريرك سوري، وكمواطن سوري، أناشد كل سوري أن ينضم إلى مسيرة القيامة والحياة... حتى تكون للناس كل الناس، الحياة وتكون لهم أفضل. كفانا حربا وعنفا وقتلا
علينا أن نسعى كلنا إلى هدنة الحياة La trêve de la Vie وعلينا محاربة منطق الحرب والقوة والمقارعة... إن منطق الحرب إلى النهاية ليس منطقا إنسانيا إن هذا المنطق هو انتحار سوري جماعي إنه منطق أناني قتال
أناشد العالم بأجمعه باسم الفقراء والضعفاء، والشهداء والضحايا والجرحى، والمخطوفين والثكالى واليتامى، والنازحين والذين بلا مأوى، والجائعين، والأطفال والرضع والحوامل، والرجال والنساء والشباب، وطلاب المدارس والجامعات، والعجزة، والمعوقين والمشوهين، والخائفين واليائسين والمحبطين والمشككين... هؤلاء ألتقي بهم تكرارا على الحدود السورية - اللبنانية، أثناء تنقلي بين دمشق وبيروت، ومن خلال زياراتي لبيوت وأسر الشهداء والضحايا والمتضررين. كلهم تساورهم مشاعر من الخوف والتساؤل على مصير أسرهم وأطفالهم وشبابهم...
أمام هذه الصورة المأساوية القاتمة الدامية لبلدنا الحبيب سورية، أتوجه إلى دول العالم العربي والغربي، وأناشدهم وأقول لهم: إرحموا سورية يا دول العالم! أتركوا سورية للسوريين! أتركوا السوريين لشأنهم! كفاكم إرسال السلاح والمحاربين والمرتزقة والمجرمين والمسلحين والإرهابيين والجهاديين والتكفيريين...
ونقول لهم بصراحة وعزم: الحرب لم تنجح! العنف لم ينجح! السلاح لم ينجح! تزويد المسلحين بالسلاح على أنواعه لم ينجح! نظرياتكم ونبؤاتكم بسقوط سورية رئيسا وحكومة، منذ بداية الأزمة وفي أشهرها الأولى عام 2011، لم تنجح! والدعايات الإعلامية المزورة لم تنجح! والمشاريع التآمرية عربيا وغربيا لم تنجح! والعقوبات الاقتصادية لم تنجح! والتهديدات بالحديد والنار لم تنجح والتحالفات لم تنجح
أمام كل هذه الإخفاقات أما حان الوقت لأن يقتنع العالم أن الحرب لا أحد رابح فيها وأن الحل السلمي هو سيد الأحكام وأن السوريين هم وحدهم الذين يقررون مصيرهم، ومن يكون رئيسهم، ومن تكون حكومتهم، وما هو دستورهم؟
أم أن العالم مصمم على متابعة حرب إبادة ضد الشعب السوري، وتدمير مؤسساته، وإزهاق أرواح مواطنيه، وتدمير كنائسه وجوامعه وتراثه الحضاري، وإفقار شعبه وتجويعهم وتشريدهم، وإزهاق أرواح مواطنيه، وكسر معنوياتهم وصمودهم؟ وذلك لأجل تحقيق مصالحه وتنفيذ مخططاته؟.
والضحية من هي؟ الضحية هم الشعب المتألم المجروح، الذي وصفته في مطلع هذا النداء.
فباسم كل سورية أناشد العالم: بأن تكفوا يدكم عن سورية ولتقف آلة الحرب ولنعمل معا: سورية وكل الدول المحبة للسلام .
لنعمل على إحلال السلام في سورية فإن سلام سورية هو سلام المنطقة بأسرها سورية تستحق إهتمام العالم بأسره، ومحبة العالم وثقة العالم .
لا نريد أن تكون سورية أرض الحرب والقتل والعنف والإرهاب، بل أن تكون كما نقرأ في اليافطات المنتشرة في شوارع دمشق: سورية أرضك المقدسة أرض المحبة والسلام .
لك يا سورية قيامة
سورية هي أرض القيامة! وعلى أبواب دمشق رأى بولس الرسول المسيح القائم من بين الأموات. أتاها مضطهدا فغادرها رسولا ومبشرا بالقيامة! ولهذا فهي حقا أرض القيامة. وكما قلنا فإن لقب أبنائها كان: أبناء القيامة.
واليوم نريد أن نخاطب مواطنينا أبناء وبنات سورية الأحباء بهذا اللقب التاريخي المجيد ونقول لهم: يا أبناء وبنات سورية! أنتم أبناء القيامة! أبناء الحياة! ولستم أبناء الموت وآلات الموت! لستم أبناء العنف والإرهاب والتعذيب والتشريد والقتل. كونوا دائما أبناء القيامة وأبناء الحياة!
وليغادر أرض سورية الطاهرة كل من يدمر محبتنا وعيشنا المشترك، ويقتل ويسفك الدماء على أرضنا، ويزرع أفكار التكفير والبغض والكراهية وإقصاء الآخر والفتنة والطائفية والتفرقة وهي كلها أفكار موت وتقود إلى الموت.
ونقول لسورية ما قاله يسوع يوم شفى في مجمع الناصرة تلك المرأة المنحنية المحدودبة: "كوني معافاة وانتصبت المرأة تمجد الله" (لوقا 13:10).
ونقول: لك يا سورية قيامة لك يا أخي المسيحي قيامة لك يا أخي المسلم السني قيامة ولك يا أخي الشيعي قيامة ولك يا أخي العلوي قيامة ولك يا أخي الدرزي قيامة لك يا أخي في الخندق قيامة ولك يا أخي المحارب على أرض سورية والقادم من أي بلد كان... لك قيامة
تهاني العيد
أقدم التهاني بعيد القيامة المجيدة والفصح السيدي، ونحن نعيد معا من كل الطوئف، أقدم التهاني لإخوتي السادة الأساقفة أعضاء مجمعنا المقدس، ولإخوتي وأبنائي الشمامسة والكهنة والرهبان والراهبات وجميع مؤمني رعايانا في كل مكان، في البلاد العربية وبلاد الانتشار والاغتراب وبلدان النزوح السوري الجديد. لا بل أقدم التهاني لجميع المسيحيين المعيدين معا هذا العام. لا بل نعايد جميع المواطنين وإخوتنا المسلمين الذين يعترفون بقيامة السيد المسيح، حيث وردت الآية: والسلام علي يوم ولدت ويوم أموت ويوم أبعث حيا".
وننهي هذه الرسالة بنشيد هو من أجمل أناشيد القيامة المجيدة، نخاطب به المسيح القائم مفتخرين بقيامته: "يا ما ألذ يا ما أحب يا ما أعذب صوتك الإلهي أيها المسيح لأنك وعدتنا وعدا صادقا بأن تكون معنا إلى أبد الدهر. فبذا الوعد نعتصم نحن المؤمنين كمرسى رجاء ونبتهج مسرورين".