صاحب الغبطة يوسف
كلمة غبطة البطريرك في ذكرى السنة الأولى لوفاة المطرانين غزال وكويتر
بروتوكول 233/2012ر
الربوة في 17/4/2012
كلمة غبطة البطريرك في ذكرى السنة الأولى
لوفاة المرحومين المطرانين سليم غزال وجورج كويتر
سليم غزال 28/4/2011 جورج كويتر26/7/2011
نجتمع اليوم لإحياء ذكرى فقيدين غاليين جدًا علينا جميعًا وهما: أخي المطران سليم غزال (توفي في 28 نيسان 2011) وأخي الآخر المطران جورج كويتر (26 تموز 2011). إنهما رفيقا دربي أنا كراهب وكاهن وأسقف وبطريرك، وكمؤسّس لدار العناية، هذه المؤسّسة الاجتماعية التي هي مفخرة لكنيستنا ولرهبنتنا المخلّصية. وكانت مكان إبداعٍِ أخويَّ الحبيبين! الإبداع في التصميم والخدمة والعطاء والإدارة والرؤية من خلال دار العناية التي أسّسناها معًا عام 1966. المخلّص نسأل أن يعطيني الوقت والعمر والصحّة لكي أحتفل بيوبيل الخمسين سنة على التأسيس (بعد أربع سنوات 2016).
معكم نفتقد لهذين الأخوين والراهبين والكاهنين والمواطنين والمجاهدين والمناضلين والساهرين والمضحّيين والبانيين والحارسين لهذه الدار.
لقد أصبحت هذه الدار بعرقنا نحن الثلاثة، وبعرقهما، المشروع الاجتماعي المميّز في المنطقة ببنائه وبرنامجه وتقنيّته ورؤيته وتطلّعاته وتواصله مع أبناء وبنات المنطقة، وانفتاحته، وتنوّع وتشعّب مجالاتهه وفروع مدرسته المهنية ومجمل خدماته!
الشكر للمخلّص الجوّاد الكريم الذي منه كلّ عطية صالحة، الشكر له على آلائه ولأنه أرسل لنا دائمًا، منذ أن كان هذا المشروع حلمًا، محسنين كرماء، شرفاء معطائين، أمينين متجرّدين، مثابرين على مدى هذه السنوات الستّة والأربعين من حياة هذه المؤسسة.
أطلقنا على هذا المشروع وهذه الدار وهذه المؤسسة اسم "دار العناية". وفي الواقع، خبرنا منذ بداية، وفي مختلف مراحل العمل والبناء والتطوير، لقد خبرنا حقًّا أن الله هو عناية! ومن أسمائه الحسنى: "المعتني". وهذا ما نردِّده في صلواتنا اليومية كلّ صباح بعد النهوض من النوم: "نشكر لك أيها الربّ إلهنا لأنك أنهضتنا من مضاجعنا، ووضعت في فمنا كلام التسبيح، نشكرك لأجل رأفتك التي عاملتنا بها دائمًا في شؤون حياتنا" (صلاة السحر الأولى).
أجل خبرنا مع أخوي المثلثي الرحمة المطرانين سليم وجورج كلّ يوم وكلّ ساعة وكلّ لحظة، وفي كلّ الظروف والأحوال، وبخاصّة أثناء سني التهجير الطويلة، في الليل والنهار، خبرنا عناية المخلّص بنا. وتحقَّقت فينا آية المزامير: "الأغنياء افتقروا وجاعوا، أمّا الذين يتّقون الربّ فلا يعوزهم شيء من الخير".
نشكر العناية الإلهية التي تجلّت لنا وفينا وفي هذا المشروع عبر تاريخه على مدى 46 سنة، التاريخ الشاقّ والقاسي والمفرح معًا. وذلك من خلال المحسنين والمحسنات في الداخل وبخاصّة في الخارج، وبخاصّة من الحسنين والمحسنات الأصدقاء الألمان وسواهم. إنهم بعطائهم جعلونا نشعر كما كان يطيب للأب المطران جورج كويتر أن يردِّد، ذاكرًا كلمة الطوباوي الأب كبوشي، إنّ يد الله طريّة! أجل إنّها يدٌ طريّة محبّة، حنونة معزّية، مشدِّدة حامية، حارسة مشجّعة، طيّبة وقوية. هي يدُ المخلّص التي خبرناها ولا يزال القائمون على هذه الدار من الكهنة رهبان دير المخلّص العامر، والأساتذة والمدراء والموظفون، والأطفال والشباب الذين يستفيدون من خدمات هذه الدار العامرة، يختبرونها في جميع مراحل تطوّر هذه الدار، هذا التطوّر المطرد المستمر ببركة المخلص.
إضافة، أحبُّ أن أشدّد على الشق الروحي الرهباني الاجتماعي الذي ميّز عمل المطرانين الحبيبين معي. لقد عشنا روحانية رهبانية كهنوتية مميزة. وقد ساد عملنا على مدى 46 سنة: الدقّة في المهمات، التضامن في العمل، التواصل (قصتي بعنوان "لِنَبنِ ثلاث مظال")، التراتبية، التواضع، الإكرام المتبادل، التنازل الواحد للآخر، الصلاة معًا، الحياة المشتركة، تواصل ممتاز بالرغم من عدم وجود وسائل الاتصال الحاضرة.
هذه هي الروحانية المخلصية التي أنجحت عملنا، بالرغم من أن أطباعنا مختلفة جدًا الواحد عن الآخر. وهذا هو الإرث الرهباني لسليم وجورج، والإرث لهذه الدار ولرسالتها، داخل الدار وفي التواصل مع المجتمع ومع العالم ومع المحسنين.
تميّز جورج بالدقة في الإدارة والاهتمام بأصغر وأدق الأمور وملاحظة كل شيء، مع التعاون مع جميع العاملين. بينما تميز سليم بالرسالة الجوالة والوعظ والإرشاد... بشر في وقته وغير وقته! ومعًا حققنا وصية المؤسس: "أسعى بواسطتكم في فلاحة كرم المسيح".
أودُّ أن أشكر سيادة الرئيس العام، وبخاصَّة الأب نيقولا صغبيني وكلَّ الرؤساء والمدراء الذين تعاقبوا على إدارة الدار. وهم المسؤولون عن الإرث الروحي والرهباني لهذين العملاقين الحبيبين في الرهبانية وفي الدار وفي الكنيسة.
ونطلب اليوم شفاعة المرحومين أبوينا المطرانين سليم وجورج. إنَّ نفسهما معنا! روحهما معنا! مثلهما العظيم معنا! محبَّتهما للدار معنا! لكي نتابع معًا مسيرة هذه المؤسسة الاجتماعية لأجل حياة أفضل لمجتمعنا، وبخاصَّةٍ الفقير واليتيم وصاحب الاحتياجات الخاصّة فيه، ولأجل الشباب ومستقبلهم ولأجل تربية أجيال شابّة على الفضيلة والأخلاق والإيمان واحترام الآخر وقبوله وكرامته وحريّته والعيش المشترك معًا في الوطن الحبيب الواحد، لبنان الرسالة. وقد مارس فقيدانا الحبيبان هذه القيم وعلّماها بالقول والعمل للآلاف من الطلاب والشباب والرجال والنساء، في دار العناية نفسها، وفي شرقي صيدا، وفي الجنوب الحبيب، المتعدّد في أطيافه والواحد في توجّهه.
ونصلّي لأجل راحة نفسَي أخويَّ الحبيبين ولأجل المحسنين إلى الدار ولأجل القائمين عليها، ولأجل طلابها ولأجل جنوبنا الحبيب ولبناننا الوطن الوحيد الدائم لنا جميعًا. ومعًا نتابع مسير البناء والخير والبركة. ببركة المخلّص وشفاعة أمنا مريم العذراء سيدة العناية.
مع الشكر والمحبة والبركة
غريغوريوس الثالث
بطريرك أنطاكية وسائر المشرق والإسكندرية وأورشليم