لمحة تاريخية
تاريخ إكليريكية القديسة حنة الكبرى
تأسست إكليريكية القديسة حنة سنة 1882، بفضل بعد نظر المثلث الرحمة البطريريك غريغوريوس الثاني يوسف سيور، ومساعدة الكردينال لافجري، مؤسس جمعية مرسلي أفريقيا (الآباء البيض)، الذين كرسوا لإدارة هذه الإكليريكية، طوال خمسة وثمانين سنة، نخبة من آبائها. وقد اتخذت مقرا لها البيت الذي ينسبه التقليد إلى القديسة حنة أم والدة الإله قرب بركة بيت حسدا ذات الأروقة الخمسة عند باب الغنم في مدينة القدس، كما نقرأ في أنجيل أحد المخلع (يوحنا 5/1). وقد اتخذت الإكليريكية اسما لها القديسة حنة صاحبة البيت الذي سكنته.
سنة 1967 أمضى الإكليريكيون ثلاثة أيام وثلاث ليال في طابق تحت أرضي من الإكليريكية هربا من القصف المنهمر على مدينة القدس، وأصيب أحدهم بشظية في فخده. ومذ ذاك لم يعد سهلا على العرب ارتياد القدس. فوجدت الإكليريكية ملاذا لها في لبنان، في دير الآباء البولسيين في حريصا، وكانوا هم أيضا قد استقدموا إكليريكيـتهم من بيت حننيا، قرب أورشليم. وتولى الآباء البيض إدارة الإكليريكية، يعاونهم الأب أنطوان لامنس، الكاهن البلجيكي المنتسب إلى بطريركيتنا. وقد قام الكرسي الرسولي والهيئات الأوروبية المختلفة بتحمل الأعباء المالية.
في سنة 1971 إلى سنة 1977، استلم إدارة الإكليريكية الأب أنطوان لامنس، وكان الإكليريكيون في هذه الفترة يتابعون دروسهم في جامعة الروح القدس في الكسليك، ويقيمون في بيت خاص في منطقة ذوق مصبح.
سنة 1973، اهتم الآباء البولسيون بإشارة من غبطة البطريرك وسيادة مطران بيروت، ببعض الإكليريكيين الأبرشيين بالإضافة إلى إكليريكيتهم.
سنة 1977، انتقلت الإكليريكية إلى مقرها الحالي في الربوة. وكان قرار إنشاء هذا المقر قد اتُخذ عام 1967 في آخر سينودس رئسه المثلث الرحمة البطريرك مكسيموس الرابع الصايغ. وبدأ بتنفيذه غبطة البطريرك مكسيموس الخامس حكيم، حالما تسلم السدة البطريركية.
في الربوة، أدار الإكليريكية الأب جان جنبرت، من اكليروس أبرشية حلب الذي التحق باكليروس البطريركية، عاونه بذلك أحد الآباء البيض، هو الأب جان لوي لانغو. وكان الطلاب يتوزعون الدراسة على معهدي الكسليك وحريصا. وفي سنة 1980، عين السينودس المقدس سيادة المطران يوحنا منصور مشرفا على الإكليريكية. وفي سنة 1981 تولى ادارة الإكليريكية الأب المرحوم بطرس حداد المخلصي، وفي سنة 1983 تولى الإدارة الأب فؤاد الصايغ، والذي بعهده أتيح للإكليريكيين أن يتابعوا دروسهم في معهد القديس بولس في حريصا، بعد أن جُهز بفرعين، عربي وفرنسي لتدريس الفلسفة واللاهوت. ثم تعاقب على إدارة الإكليريكية عدد من الكهنة.
لقد أثرت حوادث لبنان الأليمة في مسيرة الإكليريكية، ففي سنة 1978، جاءها مهجرون من منطقة القاع وشغلوا عدة أجنحة من مبناها لبضعة أشهر، مما اضطر الإكليريكيين للإقامة في حريصا. وفي سنة 1986، شغل مبنى الإكليريكية مهجرون من منطقة مغدوشة لمدة تربو عن 22 شهرا، أقام الإكليريكيون خلالها في حريصا من جديد. وفي سنة 1989 اشتد القتال والقصف العنيف، فأغلقت الإكليريكية أبوابها بضعة أشهر، وأقام جزء من طلابها في بيت للرهبان المخلصيين في دمشق. وفي أول شباط من سنة 1990 عنفت الحوادث أيضا، فأعيد الطلاب إلى بيوتهم لبضعة أشهر، وكذلك في أيلول من السنة عينها بعد استقدامهم الذي أرجى أسبوعين تحسبا، داوموا ثلاثة أسابيع وأعيدوا إلى بيوتهم. وبعد نهاية الحرب عاد الإكليريكيون ليتابعوا حياتهم في إكليريكية القديسة حنة في الربوة.
من خلال مئة وثلاثون سنة، مدت الإكليريكية إلى كنيستنا المئات من الكهنة والعلمانيين المخلصين، وعشرات الأساقفة، وبطريركين هما مكسيموس الرابع الصايغ ومكسيموس الخامس حكيم